سأرحل بلا عودة.
هكذا أخذت السيدة العجوز تتمتم لنفسها وهي تغلق
باب حجرتها عليها..وتلملم أشياءها الصغيرة
في حقيبة متآكلة قديمة..
(لن أصبح عبئا علي أحد بعد الآن)
وتجول داخل حجرتها لتري ما ستتركه وراءها..
(يكفيني هذا ولن آخذ إلا القليل)
جلست على فراشها تفكر..
ولكن إلي أين سأذهب؟؟؟
رغم عائلتي كبيرة العدد والمستوي ولكنني يتيمة..
ليس لي أحد في دنياي إلا أسرتي
زوجي وأولادي..إلي أين سأذهب؟ وهل سأتركهم حقا؟
أم هي مجرد مشاعر مختلطة من اليأس والإحباط؟؟
بكت السيدة العجوز كما لم تبكي من قبل وهي تتذكر
ذكرياتها في كل ركن من أركان البيت..
وكل ضحكة وقبلة وضمة من زوجها وأولادها..
تساءلت وهي تمسح دموعها
ماذا تغير فينا لنصبح كالغرباء؟لماذا لم نعد كسابق عهدنا
أين زوجي وأولادي؟أم أين أنا منهم؟هل أصبح حبي لهم حقا مكتسبا
لابد من الحصول عليه؟وأين حقي أنا عليهم؟
لماذا يعتقدون دائما بأني صلبة كالجبال لاتهتز مع الأيام؟
لماذا يعتقدون بأني دائما من تعطي ولا تفكر بحقها في الحنان
ودفء المشاعر؟أأأأة من حبي لهم..كم أحبهم وكم أشتاق لضمة حنان منهم ..
هل يعتقدون لأني كبيرة لا أحتاج لكلمة حب منهم؟
لماذا لايعترفون بأننا كلما كبرنا في السن
نحتاج أكثر إلي من يضمنا ويربت علي أكتافنا ويبادلنا الإبتسامة بحب
تمسح عنا الأحزان والآلام والإحباط واليأس؟
وهل سأظل أحتضن حضني كلما إحتجت لأحضانهم؟؟ كلا..كلا..
يكفي هذا..أنا لاأحتمل جفاءهم
كل منهم مشغول عني بحياته وأعماله وأطفاله..
خسارة..نسوني وإنشغلوا عني بأحوالهم..
فليكن..
أنا أيضا سأنشغل عنهم..لا..سأبتعد عنهم ولن أعود..
ولكن إلي أين سأذهب؟؟فأنا ليس لي مكان في بيت
أو قلب أحد إلا هنا مع زوجي وأولادي
وبدون أن تشعر مسحت دموعها وبدأت تعيد أغراضها القليلة
إلي أماكنها..وفتحت باب حجرتها وخرجت
لتعد لهم الطعام
***********************